المقالات

12/09/2009

أما آن الوقت لإصدار تشريعات تحد من ظاهرة التدخين

أصبحت ظاهرة التدخين هاجس يؤرق المجتمع لما يسببه من آثار صحية واقتصادية واجتماعية فقد أكدت الدراسات أن هذه الظاهرة تتسبب في العديد من الأمراض كالسرطانات والقلب والرئة والعقم كما تتسبب في عزل المدخن اجتماعياً بسبب الروائح الكريهة التي تنبعث منه و يتأذي منها غير المدخنين أو الأمراض التي يتسبب بها نتيجة التدخين القسري أما آثار التدخين الاقتصادية فقد أوضحت إحصائية سعودية صادرة عن مصلحة الجمارك بأن واردات التبغ إلى المملكة قد بلغت (10) مليار ريال والخسائر المادية لعلاج الأمراض التي يتسبب فيها التدخين قد بلغت (5) مليار ريال بحسب إحصاءات وزارة الصحة، أما خسائر الحريق فقد 6296 حادثاً في الثلاثة سنوات الأخيرة بحسب إحصاءات الدفاع المدني.

وعلى الرغم من آثار التدخين السيئة على البيئة والإنسان إلا أن جهود مكافحة التدخين لا تزال دون المستوى المطلوب وللأسف الشديد أن قيمة السيجارة في المملكة تشجع على التدخين حيث تقدر قيمتها بـ 1.47 دولار وهي تمثل ربع سعر بيع السجاير في الدولة المنتجة للتبغ الخام والمصنعة للسجاير كأمريكا حيث سعر العلبة يكلف 4.41 دولار وإيطاليا 4.9 دولار وفرنسا 6.8 دولار . وهذه الإحصاءات تدق ناقوس الخطر وتدعونا إلى التفكير الجاد في إيجاد مخرج من هذه الكارثة التي تهدد مواردنا البشرية والاقتصادية وفي اعتقادي أن هذه القضية لا يمكن حسمها بالبرامج التأهيلية والعلاجية فقط بل لا بد من قوة قوانين وتشريعات تجرم كل من يتعاطى التدخين فقد أثبتت التجارب أن الأوامر والقرارات التي لم تصاحبها قوانين وتشريعات تظل حبيسة الأدراج ويصبح لا طعم لها ولا لون .

كثيراً من الناس يقرأ ويحفظ كلمة "ممنوع التدخين "ولكن على الرغم من ذلك يصر على التدخين في الأماكن العامة غير مبالين بالآخرين الذين يكرهون التدخين فهل أمثال هؤلاء تنفعهم البرامج التوعوية أم هم في حاجة إلى تشريعات تردعهم و قديماً قال عثمان رضي الله عنه "إن الله يزغ بالسلطان ما لا يزغ بالقرآن".

إن بعض الدول التي طبقت قوانين منع التدخين في الأماكن المغلقة والعامة وبخاصة في المطاعم المقاهي كايرلندا عام (2004م) وبعدها النرويج قد حققت نجاحاً باهراً في حماية مواطنيها من أخطار التدخين ثم حذت من بعدها دول أخرى مثل أورغواي وايطاليا، وأصبح الناس في كندا واستراليا والولايات المتحدة يتمتعون بالحماية من دخان غيرهم بموجب تشريعات حكومية أو محلية لمنع التدخين . وقد دلت تجربة أورغواي وغيرها أن بوسع أي دولة أو دائرة قانونية بصرف النظر عن مستوى مواردها أن تمنع التدخين منعاً باتاً وتحقق نتائج مهمة في مناهضتها للتدخين.

وقد أحسنت المملكة صنعا ً بإصدارها لمجموعة من الأوامر السامية التي تمنع التدخين في الأماكن العامة ولكن كثير من الجهات لم تستجيب لتلك القرارات ، ولذلك أصبح من الضروري أن ينظر مجلس الشورى في القوانين التي تحد من هذه الآفة التي تستنزف مواردنا البشرية والمادية وكم ستكون سعادتنا بالغة لو تبني المجلس تشريعات ملزمة تجرم كل من يروج لهذه الآفة أو استخدامها في الأماكن العامة متعدياً على حقوق غير المدخنين .


الأمين العام لجمعية مكافحة التدخين
الأستاذ سليمان الصبي